ثورة

أتذكر الآن الألم. ذلك الذي تسبب به تكون الوحش الصغير في بطني. بطني ضئيل. بقي ضئيلا برغم الوحش لكنه صار مؤلما ومتحركا. ظننته الجنين الذي طالما أردته. تماما كما قرأت بعد ذلك عن الدور الذي يتوارى الورم السرطاني وراءه. دور الجنين. لكن الظن ظل ظنا. تتحرك الكتلة الجديدة تحت الجلد ومع حركتها يتصاعد الشعور بالامتلاء. فجأة بدأ كل شيء في الحياة يصبح أكثر جدية. بدأت أشعر بثقل الواقع هناك. في العراق. هناك بدت الحياة أوضح. أو أن عبثيتها بدت أوضح. احتل الوحش الصغير أحشائي ومسح عنها الحياة. صار اللسان حياديا لا يعرف طعما ولا لونا.

“طوال عامين ومجمل الصراع يتحدى أدواتنا الفكرية التي من خلالها نعقل ما يجري. بعضنا انسحب من الصراع لأن أدواتهم ومخططاتهم المعرفية متصلبة لا تلائم استيعاب ما يجري، ويسبب الصراع لهم ألما عقليا. لكن بكل يوم نشعر بالتحدي، بحاجتنا لأدوات ومقاربات أكثر مرونة، تتيح لنا تحويل هذا العناء الرهيب إلى معنى إنساني، وقدرا من التحكم به، وقدرا من الاحتماء العقلي منه.

نتفكك إن لم نقم بذلك.

نستطيع ولا نستطيع.

هذا أحد أوجه صراعنا الكبير، وليس أقلها شأنا.

خطرة، مو مضمونة، مؤلمة، بس صار لها معنى بهالسنتين حياتنا.”

لا أجد أبلغ من كلمات ياسين الحاج صالح لوصف سنتين هما عمر الثورة السورية وعمر سرطاني.

This entry was posted in Arabic. Bookmark the permalink.

Leave a comment